من وسائل علاج الاختلاف بين الزوجين
أخي المسلم ، أختي المسلمة :
حينما تظهر أمارات الخلاف وبوادر النشوز أو الشقاق فليس الطلاق أو التهديد به هو العلاج .
إن أهم ما يُطلب في المعالجة : الصبر والتحمُّل ، ومعرفة الاختلاف في المدارك والعقول ، والتفاوت في الطباع . مع ضرورة التسامح والتغاضي عن كثير من الأمور ، ولا تكون المصلحة والخير دائمًا فيما يحب ويشتهي ، بل قد يكون الخير فيما لا يحب ولا يشتهي : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ولكن حينما يبدو الخلل ويظهر في الأواصر تحلل ، ويبدو من المرأة نشوز وتَعَالٍ على طبيعتها وتوجهٍ إلى الخروج عن وظيفتها ؛ حيث تَظْهر مبادئ النفرة ، ويتكشَّف التقصير في حقوق الزوج والتنكر لفضائل البعل ، فعلاج هذا في الإسلام صريح ، ليس فيه ذكر للطلاق لا بالتصريح ولا بالتلميح . يقول اللّه - سبحانه- في محُكَم التنزيل : وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا
يكون العلاج : بالوعظ والتوجيه وبيان الخطأ ، والتذكير بالحقوق ، والتخويف من غضب اللّه ومَقْتِه ، مع سلوك مسلك الكَياسة والأناة ترغيبًا وترهيبًا .
وقد يكون الهجر في المضجع والصدود ، مقابلًا للتعالي والنشوز ، ولاحظوا أنه هَجر في المضجع وليس هجرًا عن المضجع . . إنه هَجْر في المضجع وليس هجرًا في البيت . . ليس أمام الأسرة أو الأبناء أو أمام الغرباء .
الغرض هو المعالجة وليس التشهير أو الإذلال أو كشف الأسرار والأستار ، ولكنه مقابلة للنشوز والتعالي بهجر وصدود يقود إلى التضامن والتساوي . وقد تكون المعالجة بالقصد إلى شيء من القسوة والخشونة فهناك أجناس من الناس لا تغني في تقويمهم العشرة الحسنة والمناصحة اللطيفة ، إنهم أجناس قد يبطرهم التلطف والحلم . . فإذا لاحت القسوة سكن الجامح وهدأ المهتاج .
نعم ، قد يكون اللجوء إلى شيء من العنف دواءً ناجعًا ، ولماذا لا يلجأ إليه وقد حصل التنكُّر للوظيفة والخروج عن الطبيعة ؟
ومن المعلوم لدى كل عاقلٍ أن القسوة إذا كانت تعيد للبيت نظامه وتماسُكه ، وتردُّ للعائلة ألفتها ومودَّتها فهو خير من الطلاق والفراق بلا مِراء ؛ إنه علاج إيجابي تأديبي معنوي , ليس للتشفي ولا للانتقام ؛ وإنما يستزل به ما نشز ، ويقوم به ما اضطرب .
وإذا خافت الزوجة الجفوة والإعراض من زوجها فإن القرآن الكريم يرشد إلى العلاج بقوله : وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ العلاج : بالصلح والمصالحة ، وليس بالطلاق ولا بالفسخ . وقد يكون بالتنازل عن بعض الحقوق المالية أو الشخصية محافظة على عقدة النكاح .
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ الصلح خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق .
أخي المسلم ، أختي المسلمة :
هذا عرض سريع ، وتذكير موجز , بجانب من جوانب ، الفقه في دين اللّه والسير على أحكامه ، فأين منه المسلمون ؟
أين تحكيم الحكمين في الشقاق بين الزوجين ؟ لماذا ينصرف المصلحون عن هذا العلاج ؟ هل هو زهد في إصلاح ذات ، أو هو رغبة في تشتيت الأسرة وتفريق الأولاد ؟ .
إنك لا ترى إلا سفها وجورا ، وبعدا عن الخوف من الله ومراقبته ، وهجرا لكثير من أحكامه وتلاعبا في حدوده . .
أخرج ابن ماجه وابن حبان وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ما بال أحدكم يلعب بحدود الله وأنا بين أظهركم .