من أسباب الخلاف بين الزوجين
غير أن واقع الحياة وطبيعة البشر- كما خلقهم اللّه سبحانه ، وهو أعلم بمن خلق- قد يكون فيها حالات لا تؤثِّر فيها التوجيهات ، ولا تتأصَّل فيها المودَّة والسَّكَن ، مما قد يصبح معه التمسُّك برباط الزوجية عَنَتًا ومشقةً ، فلا يتحقق فيه المقصود ولا يحصل به صلاح النشء ؟ وهذه الحالات من الاضطراب ، وعدم التوافق ، وقد تكون بواعثها داخلية أو خارجية .
فقد ينبعثُ من : تَدخُّل غيرِ حكيم من أولياء الزوجين أو أقاربهما ، أو تَتبع للصغير والكبير من أمورهما ، وقد يصل الحال من بعض الأولياء وكُبرَاءِ الأسرة إلى فرض السَّيطرة على من يَلُونَ أمرهم ، مما قد يقود إلى الترافع إلى المحاكم ؛ فتفشو الأسرار وتنكشف الأستار ، وما كان ذلك إلا لأمرٍ صغيرٍ أو شيء حقير ؛ قاد إليه التدخُل غير المناسب ، والبعد عن الحكمة ، والتعجل والتسرُّع ، وتصديق الشائعات وقالة السوء .
وقد يكون منبع المشكلة : قلة البصيرة في الدين والجهل بأحكام الشريعة السمحة ، وتراكم العادات السيئة والتمسك بالآراء الكليلة .
فيظن بعض الأزواج- مثلًا- أن التهديد بالطلاق أو التلفظ به هو الحل الصحيح للخلافات الزوجية والمشكلات الأسرية ، فلا يعرف في المخاطبات سوَى ألفاظ الطلاق ، في مدخله ومخرجه ، وفي أمره ونهيه ، بل في شأنه كله ، وما درى أنه بهذا قد اتَّخَذ آيات اللّه هزوًا ؛ يأثم في فعله ويهدم بيته ويخسر أهله .
هل هذا هو الفقه في الدِّين أيها المسلمون؟! .
إن طلاق السُّنة الذي أباحته الشريعة لا يقصد منه قطع حبال الزوجية ، بل قد يقال إنه إيقاف لهذه العلاقة . ومرحلة تريُّثٍ وتدبر ومعالجة : لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ
هذا هو التشريع . بل إن الأمر ليس مقتصرًا على هذا ، إن طلاق السُّنة هو الوسيلة الأخيرة في المعالجة وتسبق ذلك وسائل كثيرة .